تعد الراحلة كريمة عبود (1893-1940) من أوائل النساء الفلسطينيات اللواتي احترفن فن التصوير الفوتوغرافي في فلسطين في أوائل القرن العشرين. عملت كريمة عبود في مجال التصوير الفوتوغرافي التوثيقي لتصور الحياة في فلسطين والعائلة الفلسطينية في زمن الحداثة قبل النكبة، وافتتحت ستوديو للتصوير الخاص بها في مدينة حيفا في أوائل أربعينيات القرن العشرين وكانت تسافر في جميع أنحاء البلاد لتصوير المجتمع الفلسطيني والأماكن المهمة، موثقة الحياة الفلسطينية بعيداً كل البعد عن أعمال التصوير الفوتوغرافية الاستشراقية التي اشتهرت في تلك الحقبة.
عن حياتها
أول مصورة فلسطينية, ولدت في مدينة الناصرة في فلسطين. والدها هو القس سعيد عبود، وهي تنحدر من عائلة ذات جذور لبنانية تعود إلى بلدة الخيام الجنوبية. وقد نزحت العائلة إلى الناصرة في أواسط القرن التاسع عشر، ونشط بعض أفرادها في التبشير الإنجيلي.
مهنة التصوير
في الناصرة تعلمت المراحل الأولية، وثم في القدس المراحل الثانوية، وأكملت تعليمها لأكاديمي في بيت لحم. تعلمت كريمة عبود حرفة التصوير لدى أحد المصورين الأرمن في القدس، وشرعت في ممارسة المهنة منذ عام 1913. وكان والدها قد أهداها آلة تصوير فتعلقت بها وراحت تلتقط الصور للمدن والأماكن الطبيعية والمعالم التاريخية، لأبناء عائلتها والأصدقاء. ثم افتتحت استوديو لتصوير النساء في بيت لحم، وكان من شأن هذا الاستوديو أن أتاح للعائلات المحافظة تصوير النساء بلا حرج. ثم افتتحت مشغلاً لتلوين الصور وإكسابها لمعاناً وبريقاً , وفي تلك الأثناء كانت تلتقط الصور المختلفة للمدن الفلسطينية الخمس: بيت لحم وطبرية والناصرة وحيفا وقيسارية. وانتشرت صورها بالتدريج في منازل العائلات المترفة في دمشق والسلط وبيروت والشويفات. وأمكن العثور على مجموعة ثانية لها تعود إلى سنة 1913، وهي تتألف من صور التقطت داخل الاستوديو لنساء بأزيائهن الجميلة.
دورها كمصورة
كان لكريمة عبود دور كبير في تلك المهنة التي كانت دخيلة على المجتمع العربي الشرقي، فقد اعتبرت أمراه ثورية , شجاعة ومثقفة. فقد استطاعت الدخول الى البيوت بكاميرتها, ففي تلك الفترة الكثير من العائلات المحافظة لم تكن تقبل بان تظهر على عدسات هذه الاختراع الغريب باستثناء بعض العائلات العريقة التي كانت تتبناها بالتصوير الجماعي وهو ما تثبته الصور القديمة لبعض عائلات القدس ويافا وحيفا.
بيّنت كريمة من خلال صورها ارض فلسطين على حقيقتها, حافلة بشعبها وناسها, كما حرصت على اظهار الحضارة في البيوت والحياة المتنوعة والشعبية, على عكس ما صوّره الاستعمار البريطاني كأرض خاوية بلا شعب.
نشرت مجموعة صور نادرة لها عام 2013, كان قد جمعها الباحث احمد مروات في كتاب تعاون فيه مع القس الدكتور متري الراهب والدكتور عصام نصار، بعنوان (كريمة عبود: رائدة التصوير النسوي في فلسطين)
وفاتها:
توفيت كريمة عبود عام 1940 اثر حمى اصابتها ولم تفارقها, طلبت ان تكون الكاميرا بجانب نعشها لكنها اوصت بان لا تدفن معها. كما ودمر الاستوديوالخاص بها في العام 1948,مع دخول الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين, وصودرت الصور حينها حتى تم اكتشافها من جديد بالسنوات الأخيرة.
Kommentare